شبكة قدس الإخبارية

من الشهيد معين أصفر إلى جده عبدالله.. الدم يُنتج هوية الفلاحين 

download

 

عقربا - قدس الإخبارية: يوم أمس، سجّل سهل محفورية جنوب عقربا فصلًا جديدًا من فصول المواجهة. هناك ارتقى الشاب معين صبحي عبدالله أصفر وهو يتقدم صفوف أهالي البلدة الذين تصدوا لهجوم المستوطنين، مؤكّدًا أن الأرض التي نشأ فيها لا تُحمى إلا بأجساد أبنائها.

لم يكن وجود معين في السهل مصادفة، بل امتدادًا لمسار طويل من التشبث بالأرض. فهو حفيد عبد الله عبد الرازق أصفر، الذي ارتقى شهيدًا في تشرين الثاني عام 2000 عندما دهسه مستوطن خلال عودته من خربة قرقفة بعد قطف الزيتون. في ذلك الزمن، كانت عقربا وسهولها جزءًا من المشهد المتفجر للانتفاضة الثانية، حيث تحوّل الدفاع عن الحقول إلى فعل مقاومة يومي.

كما أن معين هو ابن شقيقة محمد محمود أبو كبر، الذي اغتاله جيش الاحتلال عام 2004 في منزله خلال واحدة من أوسع الاجتياحات العسكرية التي شهدتها البلدة. هذه الأحداث لم تكن حوادث معزولة، بل حلقات متتابعة في سلسلة صراعٍ مستمر منذ عقود، تتداخل فيها حياة الأفراد بمسار الجماعة، ويصبح فيها الدفاع عن الدار والكرم والبلدة فعلًا من أفعال الصمود الوطني.

سهل محفورية لم يكن مجرد أرض زراعية بالنسبة لعائلة أصفر وأهالي عقربا؛ بل حيزًا للهوية، مساحة تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وموطنه في كل موسم زيتون وفي كل مواجهة مع المستوطنين. هناك، يتجسد الصراع في صورته الأشد وضوحًا: فلاحون يزرعون ويحرسون، ومستوطنون يسعون لاقتلاع الشجر والبشر معًا.

هكذا، جاء استشهاد معين ليؤكد أن المعركة على الأرض لا تتوقف، وأن الأجيال التي تنشأ تحمل إرث من سبقها لا كذكرى، بل كتكليف مستمر. فمن عبد الله الذي استشهد حاميًا موسمه، إلى محمد الذي ارتقى مشتبكًا في بيته، وصولًا إلى معين الذي واجه المستوطنين في السهل ذاته، تتضح استمرارية الصراع التي تجعل من كل فرد شاهدًا وفاعلًا في معركة البقاء الفلسطيني على أرضه.